فصل: القبض على الطائع ونصب القادر للخلافة.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.القبض على الطائع ونصب القادر للخلافة.

قد ذكرنا أن بهاء الدولة قد شغب الجند عليه لقلة الأموال وقبض وزيره فلم يغن عنه وكان أبو الحسن بن المعلم غالبا على هواه فأطمعه في مال الطائع وزين له القبض عليه فأرسل إليه بهاء الدولة في الحضور عنده فجلس على العادة ودخل بهاء الدولة في جمع كبير وجلس على كرسيه وأهوى بعض الديلم إلى يد الطائع ليقبلها ثم جذبه عن سريره وهو يستغيث ويقول إنا لله وإنا إليه راجعون واستصفيت خزائن دار الخلافة فمشى بها الحال أياما ونهب الناس بعضهم بعضا ثم أشهد على الطائع بالخلع ونصبوا للخلافة عمه القادر أبا العباس أحمد المقتدر استدعوه من البطيحة وكان فر إليها أمام الطائع كما تقدم في أخبار الخلفاء وهذا كله سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة.

.رجوع الموصل إلى بهاء الدولة.

كان أبو الرواد محمد بن المسيب أمير بني عقيل قتل أبا طاهر بن حمدان آخر ملوك بني حمدان بالموصل وغلب عليها وأقام بها طاعة معروفة لبهاء الدولة وذلك سنة ثمانين وثلاثمائة كما مر في أخبار بني حمدان وبني المسيب ثم بعث بهاء الدولة أبا جعفر الحجاج بن هرمز من قواد الديلم في عسكر كبير إلى الموصل فملكها آخر إحدى وثمانين فاجتمعت عقيل مع أبي الرواد على حربه وجرت بينهم عدة وقائع وحسن فيها بلاء أبي جعفر بالقبض عليه فخشي اختلاف أمره هناك وراجع في أمره وكان بإغراء ابن المعلم وسعايته ولما شعر الوزير بذلك صالح أبا الرواد وأخذ رهنه وأعاده إلى بغداد فوجد بهاء الدولة قد نكب ابن المعلم.

.أخبار ابن المعلم.

هو أبو الحسن بن المعلم قد غلب على هوى بهاء الدولة وتحكم في دولته وصدر كثير من عظائم الأمور بإشارته فمنها نكبة أبي الحسن محمد بن عمر العلوي وكان قد عظم شأنه مع مشرف الدولة وكثرت أملاكه فلما ولي بهاء الدولة سعى به عنده وأطمعه في ماله فقبض عليه واستصفى سائر أملاكه ثم حمله على نكبة وزيره أبي منصور بن صالحان سنة ثمان واستوزر أبا النصر سابور بن أردشير قبل مسيره إلى خوزستان ثم حمله على خلع الطائع واستصفى أمواله وحمل ذخائر الخلافة إلى داره ثم حمله على نكبة وزيره أبي نصر سابور واستوزر أبا القاسم عبد العزيز بن يوسف وبعد مرجعه من خوزستان قبض على أبي خواشاده وأبي عبد الله بن ظاهر سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة لأنهما لم يوصلا لابن المعلم هداياهما فحمل بهاء الدولة على نكبتهما ولما استطال على الناس وكثر الضجر منه شغب الجند على بهاء الدولة وطالبوه بإسلامه إليهم وراجعهم فلم يقبلوا فقبض عليه وعلى سائر أصحابه ليسترضيهم بذلك فلم يرضوا إلا به فأسلمه إليهم وقتلوه ثم اتهم الوزير أبا القاسم بمداخلة الجند في الشغب على الوزير فقبض عليه واستوزر مكانه أبا نصر سابور وأبا نصر بن الوزير الأولين وأقاما شريكين في الوزارة.

.خروج أولاد بختيار وقتلهم.

كان عضد الدولة قد حبس أولاد بختيار فأقاموا معتقلين مدة أيامه وأيام صمصام الدولة من بعده ثم أطلقهم مشرف الدولة وأحسن إليهم وأنزلهم بشيراز وأقطعهم فلما مات مشرف الدولة حبسوا في قلعة ببلاد فارس فاستمالوا الموكل الذي عليهم والجند الذي معه من الديلم فأفرجوا عنهم وذلك سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة.
واجتمع إليهم أهل تلك النواحي وأكثرهم رجالة وبلغ الخبر إلى صمصام الدولة فبعث أبا علي بن أستاذ هرمز في عسكر فافترقت تلك الجموع وتحصن بنو بختيار ومن معهم من الديلم وحاصرهم أبو علي وأرسل أحد الديلم معهم فأصعدهم سرا وملكوا القلعة وقتلوا أولاد بختيار.

.استيلاء صمصام الدولة على الأهواز ورجوعها منه.

ثم انتقض الصلح سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة بين بهاء الدولة صاحب بغداد وأخيه صمصام الدولة صاحب خوزستان وذلك أن بهاء الدولة بعث أبا العلاء عبد الله بن الفضل إلى الأهواز وأسر إليه أن يبعث العساكر متفرقة فإذا اجتمعوا عنده صدم بهم بلاد فارس فسار أبو العلاء وتشاغل بهاء الدولة عن ذلك وظهر الخبر فجهز صمصام الدولة عسكر ه إلى خوزستان واستمد أبو العلاء بهاء الدولة فتوافت عساكره والتقى العسكران وانهزم أبو العلاء وأخذ أسيرا فأطلقته أم صمصام الدولة وقلق بهاء الدولة لذلك وافتقد الأموال فأرسل وزيره أبا نصر سابور إلى واسط وأعطاه جواهر واعلاقا يسترهنها عند مهذب الدولة صاحب البطيحة فاسترهنها ولما هرب الوزير أبو نصر استعفى ابن الصالحان من الانفراد بالوزارة فأعفي واستوزر بهاء الدولة أبا القاسم علي بن أحمد ثم عجز وهرب وعاد أبو نصر سابور إلى الوزارة بعد أن أصلح الديلم ثم بعث بهاء الدولة طغان التركي إلى الأهواز في سبعمائة من المقاتلة فملكوا السوس ورحل أصحاب صمصام الدولة عن الأهواز وانتشرت عساكر طغان في أعمال خوزستان وكان أكثرهم من الترك فغص الديلم بهم الذين في عسكر طغان فضل الدليل وأصبح على بعد منهم ورآهم الأتراك فركبوا إليهم وأكمن الوفا واستأمن كثير منهم وأمنهم طغان حتى نزلوا بأمر الأتراك فقتلوهم كلهم وانتهى الخبر إلى بهاء الدولة بواسط وسار إلى الأهواز وسار صمصام الدولة إلى شيراز وذلك سنة أربع وثمانين وثلاثمائة وأمر صمصام الدولة بقتل الأتراك في جميع بلاد فارس سنة خمس وثمانين وثلاثمائة فقتل منم جماعة وهرب الباقون فعاثوا في البلاد ولحقوا بكرمان ثم ببلاد السند حتى توسطهم الأتراك فأطبقوا عليهم واستلحموهم.